مقدمة: القيادة والإدارة… وجهان لعملة مختلفة!

يقول “وارن بينيس”، أبو علم القيادة الحديث: “المديرون يفعلون الأمور بشكل صحيح، بينما القادة يفعلون الأمور الصحيحة”. هذه العبارة تلخص جوهر الفرق بين القيادة والإدارة، لكن السؤال الأهم: كيف تعرف أين تقف أنت؟ هل أنت قائد يبني المستقبل، أم مديرٌ يُحكِم السيطرة على الحاضر؟


الفصل الأول: نظريات تُفرِّق بين القائد والمدير

١. نظرية جون كوتر: الرؤية مقابل التنفيذ

يرى البروفيسور جون كوتر أن الإدارة تدور حول السيطرة على التعقيدات (مثل تخطيط الميزانيات وتنظيم المواعيد)، بينما القيادة تركّز على مواجهة التغيير عبر وضع رؤية ملهمة وتوجيه الفريق نحوها.

  • المدير: يسأل: “كيف ننجز المهمة بأقل تكلفة؟”.
  • القائد: يسأل: “لماذا ننجز هذه المهمة أساسًا؟”.

٢. القيادة التحويلية (بيرنز وباس): الإلهام بدلًا من الأوامر

وفقًا لنظرية القيادة التحويلية، القائد الناجح:

  • يُلهِم الأفراد برؤية مشتركة (مثل مارتن لوثر كينغ في خطابه “لدي حلم”).
  • يُنمِّي مهارات فريقه ويشجّعهم على الابتكار.
  • يبنِي الثقة عبر النزاهة والتواصل العاطفي.
    بينما يقتصر المدير على المكافآت والعقوبات (القيادة التبادلية) لتحقيق النتائج المباشرة.

الفصل الثاني: علامات تُظهر أنك قائد وليس مجرد مدير

١. أنت تُفضل “لماذا” على “كيف”

القائد الحقيقي يبدأ دائمًا بشرح الهدف من المهمة، مثلما فعل إيلون ماسك عند إطلاق “سبيس إكس” بقوله: “هدفنا جعل البشرية متعددة الكواكب”. أما المدير فيشرح تفاصيل الجدول الزمني.

٢. أنت تبني الأشخاص قبل المشاريع

القائد يستثمر في تطوير فريقه، بينما المدير يستثمر في إكمال المهام.

  • ستيف جوبز كان يُصرّ على توظيف “المتفوقين” وتمكينهم لابتكار منتجات ثورية.
  • اختبار ذاتي: هل تفتخر أكثر بإنجازات فريقك أم بإنجازاتك الشخصية؟

٣. ترى في الأزمات فرصًا لا تهديدات

عندما أعلنت “نيتفليكس” تحولها من تأجير الأفلام إلى البث الرقمي، كان قرارًا قياديًا جريئًا من ريد هاستينغز، بينما كان المديرون يخشون خسارة العملاء التقليديين.

٤. تشجّع الاختلاف ولا تخشاه

القائد يرى في التنوع الفكري مصدرًا للإبداع، مثلما تفعل شركة “جوجل” التي تخصص 20% من وقت الموظفين لمشاريع جانبية. أما المدير فيلتزم بالسياسات الموحدة.


الفصل الثالث: تطبيقات عملية لتتحول من مدير إلى قائد

١. تمرين “رسم المستقبل”

  • اكتب رؤية لفريقك لعام 2030، ثم اسأل: هل خططي اليوم تُساهم في هذه الرؤية؟
  • استخدم نموذج SMART للأهداف، لكن أضف لها عنصر الإلهام (اجعله SMART-I).

٢. استبدل “التعليمات” بـ”الأسئلة”

بدلًا من إعطاء الأوامر، اسأل فريقك:

  • “كيف تعتقد أننا نحل هذه المشكلة؟”.
  • “ما الذي يحتاجه المشروع ليكون له تأثير أكبر؟”.

٣. اتبِع منهج “القائد الخادم” (نظرية روبرت غرينليف)

القائد الخادم يضع احتياجات فريقه أولًا، مثل “هوارد شولتز” مؤسس ستاربكس الذي قدّم تأمينًا صحيًا حتى للعاملين بدوام جزئي.

٤. قِس النجاح بالتأثير لا بالمؤشرات

  • المدير: يفرح عند تحقيق نسبة إنجاز 100%.
  • القائد: يفرح عندما يسمع موظفًا يقول: “عمل هنا غيّر طريقة تفكيري”.

خاتمة: القيادة ليست منصبًا، بل هوية

الفرق بين القائد والمدير ليس في “المسمى الوظيفي”، بل في العقلية والتأثير. إذا كنتَ تبحث عن المعنى وراء المهام، وتؤمن بأن نجاح فريقك هو نجاحك، وتستطيع رؤية الفرص في قلب الفوضى… فأنت قائد بامتياز. كما قال “سايمون سينك”: “القيادة اختيار، وليست رتبة”. اختر أن تُلهم، لا أن تُدير فقط.


اختبار سريع:

  • إذا غادرت مؤسستك اليوم، هل سينهار الفريق؟ (نعم = أنت مدير).
  • هل سيواصل الفريق العمل بروحك الإبداعية؟ (نعم = أنت قائد).